شهد طفلة وسط البلد التي اختفت في ظروف غامضة ورواد المقاهي: مش عارفين نفرح ولا نزعل
الأحد، 1 يونيو 2014
الطفلة شهد
لم تتقن "شهد" الكلام بعد، عمرها الذي لا يتعدى العام ونصف لم يتح لها تعلم الكثير من المفردات، لكنها كانت تتقن الإشارات، تجوب على مقاهي وسط البلد، تمد يدها الصغيرة، فيفهم الرواد أنها تريد "حاجة لله" تبتسم وهي تنظر إلى كوب ماء فيعطيها الجالسون تشرب، وأحيانًا كانت تتجرأ فتتطلع إلى "تاب" في يد أحدهم، سرعان ما يرق قلبه لها فيعطيها إياه كي تلعب قليلاً لعبتها المفضلة على أجهزة رواد المقاهي المحمولة "كاندي كراش". يتعالى صوت اللعبة فتضحك ضحكتها المميزة، سرعان ما تتذكر السبب الذي تجول لأجله فتنتفض فجأة لتكمل رحلة جمع المال، من بعيد ترمقها كلاً من جدتها ووالدتها الجالستين على الأرض تبيعان المناديل، تقفز لتعبر الطريق بينما أبواق السيارات تصرخ في أذنها مصاحبة بتساؤل أصحابها "ابعدوا البت دي.. فين أمك يا شاطرة؟"، فتشير ببراءة إلى موقع الأم والجدة على الناحية الأخرى وترحل مسرعة. اختفاء مفاجئ وعويل من الأم، لفت نظر رواد المقاهي في وسط البلد، "ماشوفتش بنتي" تقولها أماني الثلاثينية بلوعة، فيرد الجالسون: "لا والله"، مكاوي سعيد، الروائي، أحد أشهر رواد منطقة وسط البلد، كان شاهدًا على قصة "شهد" منذ بدايتها، حتى أنه سجل إهمال الأم في مقال له بعنوان "الشارع لمين"، ضاعت الصغيرة عقب كتابته مباشرة، "الأم والجدة على طول منشغلين بعدّ النقود أو بشرب الشاي مع السجائر الرخيصة، عمال المطاعم كانوا ينادون على الأم ويوبخونها لإهمالها الطفلة، فلا ترد عليهم وتمشي بتكاسل حتى تصل إلى الطفلة وتشتمها وتضربها ضربة بسيطة على يدها، ثم تشير لها أن تسير على الرصيف فقط وتعود إلى ما كانت تفعله، حتى حين تفرمل سيارة فجأة فتكاد تطيح بالطفلة، ينهض كل الجالسين على المقهى مرعوبين، في حين لا يبدو على الأم أو الجدة أي انفعال، كأنهم اشتروها من السوبر ماركت". لم يعرف مكاوي وغيره ممن اعتادوا رؤية شهد في وسط البلد، المكان الذي قد تكون الفتاة ذهبت إليه "مش عارف غيابها عن جو الشوارع دا خير ولا شر ليها، نفرح ولا نزعل ". الغياب المفاجئ للصغيرة جعل التكهنات تنتشر، "يمكن حد من البلطية الكبار هنا خدها يسرحها، ويمكن الست الغنية اللي كانت بتيجي كل فترة تجيب لها هدوم هي اللي خدتها" قالها عبده، أحد رواد المقهى، فين حين قال مكاوي: "اختفاء أطفال الشوارع بهذه الطريقة المفاجئة ليست جديدة، تكررهذا كثيرًا، كل شوية نسمع عن عيل اختفى، ولاد وبنات، خصوصًا في المليونيات، دي مش أول مرة، لكن محدش بيهتم بالقصة، في النهاية هم من أهل الشارع وتاهوا في الشارع وبيدوروا في الشارع، يمكن المختلف في شهد جسمها الضئيل ووشها اللي بيبتسم دايمًا ونظرة القهر والخوف في عينها، كلنا بندعي تكون بخير".
فئة:
حوادث
شاركنا رأيك وكن اول من يقوم بالتعليق :)[ 0 ]
إرسال تعليق