قضية تحكيم دولي خسرنا منها 74
الخميس، 17 أبريل 2014
بعد
مرور 36 عاما بالرغم من توقيع مصر علي معاهدة نيويورك للتحكيم الدولي التي
وضعت عام 1958 إلا أنها لم تفكر في وضع قانون خاص بهذا التحكيم إلا بعد
مرور 36 عاما وهو القانون 27 لسنة 1994 وظل غير مفعل لعدة سنوات حتي بدأ
إنشاء مراكز للتحكيم وصلت الآن إلي أكثر من ألف مركز تختلف فيما بينها من
حيث القوة والفعالية. ويلجأ إلي هذا النوع من التحكيم من يريد سرعة
التقاضي، خاصة أن بعض القضايا قد تمر عليها عدة سنوات في المحاكم حتي يتم
الحكم فيها وهو ما يكبد المتنازعين أموالا طائلة. وحول هذا التحكيم كان
حوارنا مع المستشار عصام أحمد عامر رئيس المركز الدولي للتحكيم ورئيس نادي
القضاة الاتفاقي المصري لمستشاري التحكيم الدولي والذي يعد المركز الوحيد
الذي تمكن من وضع وظيفة محكم في بطاقة الرقم القومي.
- في البداية ما هو التحكيم؟
ببساطة شديدة هو اتفاق الأطراف المتنازعة في مسألة معينة علي إخضاع نزاعهم إلي طرف ثالث يختارونه لحسم هذا النزاع بقرار يلزمهم.
وما الفارق بينه وبين القضاء العادي؟
القضاء
العادي هو احد سلطات الدولة العامة. والقاضي موظف عام له ولاية قضائية
دائمة تقوم مهمته علي إصدار أحكام قضائية ويتقاضي راتبا من الدولة عن عمله
ولا يتقاضي أجراً من الخصوم. أما التحكيم فهو اتفاق ينشأ بمقتضاه نظام
إجرائي قضائي مؤقت مقصور علي نزاع معين بنطاق محدد يقوم عليه شخص عادي له
ولاية قضائية مؤقتة تنتهي بإصدار الحكم المنوط به إصداره ويأخذ أجره ممن
يصدر ضده الحكم.
- ومن أين جاءت فكرة التحكيم؟
لما شهدت الولايات
المتحدة الأمريكية كسادا اقتصاديا هائلا عام 1958 كانت القضايا المتنازع
عليها خاصة التجارية والمالية تستغرق وقتا طويلا ففكروا في التحكيم فكانت
معاهدة نيويورك لعام 58 وتنص علي أن كل الدول الموقعة يتم تطبيق التحكيم
علي أراضيها في منازعات الاستثمار وكان من تلك الدول مصر والسعودية
وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا. وبعدها تم عمل اتفاقية
باريس للتحكيم عام علي ان يكون لها مركز إقليمي خاص بها1961.
- ومتي يلجأ الطرفان إلي التحكيم؟
التحكيم
مبني علي الاتفاق والتراضي فعند توقيع اتفاقية تجارية أو استثمارية أو
غيرها بين طرفين فإنهما ينصان في العقد علي اللجوء عند النزاع إلي التحكيم
وهذا يعني أن يد القضاء غلت. ويكون التحكيم دوليا إذا كان أحد المتنازعين
أجنبيا. والتحكيم يسمي القضاء الخاص ويكون أجر المحكم علي الشريكين
بالتساوي لحين الفصل في الدعوي ثم يتحمله المحكوم ضده. وللطرفين الاتفاق
علي كل شيء حتي المكان الذي يتم التحكيم فيه وعدد من يقوم بالتحكيم بشرط أن
يكون عدداً فرديا. ولأحد المتنازعين الحق في رد هيئة التحكيم ولا تتجاوز
قضية التحكيم إثني عشر شهرا إلا باتفاق الطرفين، ويكون حكم التحكيم ملزما
ولا يجوز الطعن عليه.
- وما أهم مميزات التحكيم؟
يتميز التحكيم عن
القضاء العادي بأنه وسيلة سهلة وسريعة لفض المنازعات لذا يطلق عليه العدالة
الناجزة، وبعد الفصل في الدعوي يتم إخطار أقرب محكمة ابتدائية للتنفيذ
الفوري. ويتميز التحكيم والتحكيم التجاري علي وجه الخصوص في مواجهة القضاء
الوطني بالمرونة والموضوعية ويستند إلي السرية والخصوصية في تناول المسائل
محل النزاع، كما يتصف بالحياد وتوافر الثقة والطمأنينة.
- وهل يكون التحكيم الدولي إجبارياً أم اختيارياً؟
قد
يكون اختياريا، أو إجباريا. والفارق بينهما أن الدولة التي تقبل بالتحكيم
الاختياري غير مجبرة علي عرض نزاعها أمام أي جهة دولية لتسويته، بل يكون
لها مطلق الحق في قبول أمر ذلك التحكيم أو رفضه. أما التحكيم الإجباري
فيمكن رده في حالة موافقة الدولة علي الاتفاقيات الخاصة أو بمقتضي نص في
اتفاقية عامة، أي المصادقة والقبول بالاتفاقيات الثنائية بين الدول أو تلك
الاتفاقيات الدولية التي تدخل الدولة في إطار الإجبار علي التحكيم متي حدث
نزاع بينها وبين دولة أخري وقعت علي تلك الاتفاقيات. ومن اشهر الاتفاقيات
الدولية تلك التي جاءت بمؤتمر لاهاي 1899 والتي شجعت مبدأ التسوية السلمية
للنزاعات الدولية.
- وما الفارق بين التحكيم التجاري والدولي؟
قد
يكون التحكيم دولياً من خلال نزاع دولي كتحكيمات الحدود ومن أبرزها تحكيم
طابا بين مصر وإسرائيل، والتحكيم الذي حدث بين الهند وباكستان بشأن إقليم
كوتش، وتحكيم جزر حنيش بين اليمن واريتريا. أما التحكيم الذي يعني بالعقود
والمعاملات الدولية فيسمي بالتحكيم التجاري ويدخل في إطار القانون المحلي
أو الدولي الخاص، وكذلك القوانين التجارية الدولية أو قوانين الأعمال
الدولية.
وقد عرّفت المادة 36 من اتفاقية لاهاي الثانية 1907 التحكيم
بأنه تسوية للنزاعات بين الدول بواسطة قضاة من اختيارهم وعلي أساس من
احترام القانون.
- وما أهم مراكز التحكيم التجاري الدولية؟
أشهرها:
مركز التحكيم الدائم في جنيف، ومركز تحكيم لندن، ومركز التوفيق والتحكيم
للغرف التجارية والعربية والأوروبية، ومركز تحكيم القاهرة الإقليمي.
- ومتي يكون التحكيم وطنياً؟
يكون
التحكيم وطنياً إذا كان أطرافه ينتمون إلي دولة واحدة، أما إذا كان أحد
أطرافه أجنبياً فيكون التحكيم أجنبياً. وطبقا لاتفاقية نيويورك فإن التحكيم
يكون أجنبياً أو وطنياً بالنظر إلي ارتباط التحكيم بصدور قرار المحكمين،
أي إنه إذا صدر قرار المحكمين في غير الدولة المراد تنفيذ الحكم علي
إقليمها يكون التحكيم أجنبياً، لكن اتفاقية جنيف للتحكيم الدولي المبرمة في
1961 تري أن التحكيم الأجنبي مرتبط بمراكز إقامة الأطراف المتنازعة.
وقد
حسمت فكرة صفة التحكيم بواسطة اتفاقية الامم المتحدة للتحكيم التجاري
المبرمة في 1985م التي اعتبرت التحكيم الأجنبي في حالة ما إذا كان الطرفان
المتنازعان يقيمان في دولتين مختلفتين وقت تحرير اتفاقية التحكيم. ويعد
التحكيم دولياً إذا تعلق موضوعه بمصالح تجارية دولية دون النظر إلي مكان
التحكيم أو جنسية الأطراف.
- ولماذا تأخرت مصر في دخول هذا المجال حتي عام 94؟
هذا
أمر مؤسف للغاية لأن السادة المسئولين المحسوبين علي النظام السابق
احتقروه، لكن الأكثر دهشة أننا بعد وضع قانون للتحكيم في عام 94 ظل لعدة
سنوات غير مفعل بدليل تعرضنا لحوالي 76 قضية تحكيم دولية لم نكسب منها سوي
قضيتين إحداهما طابا بينما خسرنا 74 قضية أبرزها قضية سياج.
- وهل التحكيم في مصر مستقل عن وزارة العدل؟
لا. بل يتبع وزارة العدل وله قائمة بالمستشارين المعتمدين.
- وما سلبيات مراكز التحكيم في مصر؟
أهم
السلبيات أن كثيرا منها لا تقوم بالإعداد الجيد لمستشاري التحكيم، بل
هدفها الأساس هو تحقيق الربح المادي بعقد دورات ضعيفة المستوي لا تؤهل
المدربين بالشكل الأمثل.
- وهل تلافيتم ذلك في المركز الدولي للتحكيم؟
بالفعل.
حيث أنشأنا هذا المركز لإعداد نخبة متميزة من مستشاري التحكيم علي يد
أساتذة القانون في مصر، كما أنشأنا نادي القضاة الاتفاقي المصري لمستشاري
التحكيم الدولي حتي يكون غطاءً لمستشاري التحكيم وقناة شرعية تتواكب مع
العصر وتعد المستشارين إعدادًا اجتماعيا وثقافيا ودينيا وقانونيا مع
إعطائهم حصانة قانونية.
- وماذا عن دورات التحكيم الدولي؟
هدف
الدورات التدريبية إعداد المحكمين العرب الدوليين والمستشارين العرب
الدوليين المعتمدين في العلوم الإدارية، حيث تقدم أكاديمية نوبل للعلوم
والتكنولوجيا بالتعاون مع الأكاديمية الدولية للتحكيم ومراكز التحكيم
المختلفة بالتعاون مع كليات الحقوق بالجامعات المصرية دورات تدريبية لتخريج
المحكمين الدوليين وكذلك الحصول علي بطاقة بلقب مستشار ومحكم مُعتمد.
- وما الأهداف التي يسعي إليها المركز؟
نسعي
إلي تصدر مكانة عالمية في مجالات التحكيم والتدريب والاستشارات وتفعيل
مجال التحكيم الدولي كوسيلة بديلة لفض المنازعات التجارية والمدنية والعمل
علي تأهيل المحامين والمهندسين والمحاسبين والمحكمين في إطار العمل بكفاءة
في هذا المجال وإعداد الكوادر البشرية القانونية المؤهلة لذلك.
- وهل يحق لمستشار التحكيم عضوية نادي القضاة؟
لا
يحق له ذلك لأنه يعد تابعا لقضاء خاص، لذا أنشأنا نادي القضاة الاتفاقي
المصري لمستشاري التحكيم الدولي يوفر للأعضاء كل الأنشطة المطلوبة.
- كيف تري الوضع الحالي للقضاء؟
لابد
من إعادة النظر في قانون السلطة القضائية لأن الذي وضعه ترزية قوانين.
فنحن مع تعديل القانون لكننا ضد أي تعدٍ علي السلطة القضائية. وللأسف يعد
اللجوء إلي المحاكم أقصر الطرق لضياع الحقوق لأن من بين كل 100 حكم يتم نقض
99 حكما.
فئة:
اخبار التحكيم الدولى,
حصرى
شاركنا رأيك وكن اول من يقوم بالتعليق :)[ 0 ]
إرسال تعليق